لماذا تاخر المسلمون وتقدم غيرهم؟

بسم الله الرحمن الرحيم

اختار نادي الكتاب في جامعتي, جامعة الملك فهد للبترول والمعادن, كتاب شكيب ارسلان “لماذا تأخر المسلمون وتقدم غيرهم؟” كأول كتاب نناقشه في الجلسات النقاشية, وتمت مناقشة الكتاب يوم الثلاثاء 22/3/1433 هـ ,

وفي هذه التدوينة سأعرض قراءتي للكتاب ورأيي المتواضع حوله,

 

تعريف بسيط بالكاتب من ويكيبيديا :

شكيب أرسلان (25 ديسمبر 1869 – 9 ديسمبر 1946)، كاتب وأديب ومفكر عربي لبناني اشتهر بلقب أمير البيان بسبب كونه أديباً وشاعراً بالإضافة إلى كونه سياسياً. ويعتبر واحداً من كبار المفكرين ودعاة الوحدة الإسلامية والوحدة والثقافة.

طُلب منا في النادي ان نقرأ متن الكتاب , ونترك ماقبله من سيرة لكاتبه واحاديث كثيرة حوله , ولكن من تصفحي لسيرة الكاتب الذاتية استرعت انتباهي وصية الكاتب, وكانت بحق هي مدخلي للاعجاب بالكاتب, والتلهف لقراءة ماكتب,

 *وصية شكيب ارسلان

وهذه الوصية تظهر لنا كيف ان الروح الاسلامية لم تفارق صاحبها , حتى وهو في اللحظات الاخيرة من ارتباط روحه بجسده, رحمه الله رحمة واسعة.

الكتاب عبارة عن رسالة يرد فيها الكاتب على سؤال ورده عن سبب تردي حال المسلمين وتقدم غيرهم من الامم عليهم, وفي صفحات الجواب الاولى يرى شكيب ارسلان ان سبب تخلفنا هو فقداننا مايميزنا ويجعلنا مستحقين لنصرة الله , وان وعد الله للمؤمنين بالنصر لا يأتي من كونهم مسلمين فقط , بل بعملهم واجتهادهم,

ويرى الكاتب ان المسلمين اضحوا بخلاء بمالهم ودمائهم في سبيل نصرة دينهم , على عكس الامم الاوربية التي لا تبخل بشيء في سبيل تحقيق اهدافها , بالاضافة إلى نبذها للشقاق واتحادها في حالات وجود عدو خارجي مشترك,
وان كنت اختلف هنا حول تصوير امير البيان للجنود الأوربيين كفدائيين , ويقدمون موتهم في سبيل قضاياهم على حياتهم, لان الشواهد الكثيرة من حولنا ترينا انهم لم يكونوا في تلك المعارك إلا تنفيذا للاوامر , وجل امانيهم هو الخروج من ساحات المعارك والعودة إلى اوطانهم , ” وقد اكون مخطئا في هذا “

اشار ايضا شكيب ارسلان إلى اختلال الموازيين في المفاهيم , كأن يصبح السماح للتنصير من باب العصرية , ومعاداته , او حتى الدعوة إلى الاسلام هي من باب التعصب والجهل والرجعية, واظن هذا باقٍ إلى الان وان اختلفت اوجهه, فمن يدافع عن ارضه وعرضه وهو مسلم, يكون ارهابيا مهدور الدم والكرامة.

ويتسائل الكاتب ايضا عن سر وصم الاسلام بالرجعية, ونسب تخلف العرب والمسلمين إلى الاسلام, فهو من اسس حضارة على ارض فضاء خربة تقطنها قبائل متناحرة, وهو من اوصل مصابيح الضياء إلى اوروبا, ويضرب شكيب ارسلان المثل باليابان واليهود والانجليز في حفاظهم على دينهم ومعتقداتهم وان كانت تعود إلى الفي عام ورغم ذلك تقدموا وصنعوا الصناعات المختلفة, فيقول:

” اذا كانت اليابان رجعية , فمرحى بالرجعية “

ومما اعجبني جدا في الكتاب تقسيمه للمسلمين إلى قسمين ” إلا من رحم ربي ” , جامد يحارب كل ماهو غير مألوف عليه, من صناعات واختراعات, وجاحد يهاجم الدين وينسب تخلفنا إليه , ويرى في البعد عنه السبيل للتقدم والازدهار, وبين هذا وذاك يستمر تخلفنا.

واتفق مع الكاتب في ان أهم عوامل تخلفنا الحضاري, هو فقداننا لثقتنا بأنفسنا, والايمان المزروع في دواخلنا بتفوق الاوربي علينا في كل النواحي: العسكرية, والعلمية, والاقتصادية, والفكرية, وان اي محاولة منا للتفوق على الاخر هي ضرب من الجنون, وان اي جهد يبذل في هذا السبيل ان هو إلى جهد ضائع لا طائل منه,

ختاما: الكتاب جميل جدا, لغته سلسلة, وهو يقع في 165 صفحة, وان كان يعيبه طول بعض الهوامش.