زيارة كاوست

بسم الله الرحمن الرحيم

في يوم الأربعاء الموافق 13/03/2013 توجهت أنا وقرابة العشرين طالب من طلاب جامعة البترول لزيارة جامعة كاوست بناء على دعوة منها, وكان الهدف من الدعوة هو حثنا على الإلتحاق بالجامعة. كانت الرحلة سريعة جداً, أقلعت الطائرة من الدمام في تمام الثامنة صباحاً, وكانت رحلة العودة في تمام السابعة مساءً, وقضينا مايقرب من الأربع ساعات في الجامعة,

الجامعة بنيت للأجل البحوث, ولذلك لا تقوم بتدريس الباكلريوس وحسب حديثهم أن لا نية لهم لتقديم أي برنامج لما قبل الماجستير, ويبلغ عدد طلاب الجامعة الآن 620 طالب, وعدد السعوديين من ثلاثين إلى أربعين في المئة منهم, وللأمانة أشعر ان هذه النسبة مبالغ فيها قليلا وذلك بناءً على أعداد السعوديين الذين شاهدتهم في أنحاء الجامعة, وتبلغ نسبة الطلاب إلى المدرسين ستة طلاب مقابل كل دكتور, وهي نسبة ممتازة جدا, وكهدف لكاوست, فهي تطمح في النهاية لأن تصل إلى 2000 طالب في مختلف مجالاتها,

وفد لاحظت أن أغلب الجهاز الإداري والأكاديمي هم من غير السعوديين, فنحن لم نصادف إلا أستاذا سعوديا واحدا في رحلتنا , وهو من خريجي البترول بالمناسبة, عدد كبير من دكاترة الجامعة تم استقطابهم من جامعات كبرى في مختلف انحاء العالم مثل ستانفورد وكالفورنيا للتقنية وجامعات أخرى, ويقول ممثل إدارة الجامعة الذي أتى للحديث إلينا, أنهم يطمحون لأن يصلوا إلى مستوى هارفرد وام اي تي خلال العقد أو العقد والنصف القادم , وفي حديثه من المبالغة ما الله به عليم 🙂

أكثر ماشدني وأدهشني, هو الحرم الجامعي, ومرافق الجامعة ومبانيها, للأمانة مبهرة, مكتبة الجامعة وحدها ساحرة, وتحمل إطلالة جميلة على البحر والمنارة والتي هي رمز الجامعة, وتحتوي كذلك الجامعة على غرف صغيرة للمذاكرة تحتوي على كمبيوتر وشاشة تلفزيون في كل غرفة من الغرف. وتحتوي كذلك على كافيه صغير, أما بالنسبة للمرافق غير الاكاديمية فهي لا تقل إبهاراً عن أختها, فالجامعة تحتوي على فلل سكنية فاخرة للمدرسين والإداريين والطلاب, وزرنا عينة من بيوت الطلاب فكانت تتكون من 3 أدوار , في الدور الأرضي مطبخ ومجلس صغير, وفي الدور الاول غرفة نوم مع دورة مياه, ومثلها في الدور الثاني, وكذلك تحتوي الجامعة على ملاعب لمختلف الألعاب مثل كرة القدم والغولف والسلة وكرة الطائرة, وكذلك تحتوي على سينما, ومرفأ بحري للرياضات البحرية واستئجار القوارب. وبطبيعة الحال لا شيء هنا في البترول أو غيرها يقارب أي شيء هناك.

تساؤل: أظن أن الجامعة مشروع جرئ وطموح في المنطقة, ولكنها لم تقم ولن تستمر إلا بالدعم السخي من الدولة والذي يفوق مايقدم لأخواتها من جامعات المملكة, فهل سيستمر الدعم إلى الأبد؟ أم ستعتمد الجامعة على نفسها قريبا؟

ورأيي الشخصي في موضوع الألتحاق بكاوست: أقول من استطاع البعثة فليذهب, ليس لعيب في الجامعة, ولا في مرافق الجامعة فهي جميلة والبيئة داخلها كذلك, ولكن تجربة الإبتعاث أظنها تجربة فريدة ستضيف للطالب أمور كثيرة في شخصيتها بعيدا عن الامور الأكاديمية.

وفيما يلي مجموعة من صور الرحلة:

مسلسل عمر بن الخطاب – مجرد رأي

دار في الفترة الأخيرة لغط كبير حول المسلسل الدرامي الذي تنوي قناة ام بي سي عرضه في شهر رمضان المبارك عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وارضاه, وانتشرت عدة حملات في تويتر خصوصا وباقي مواقع الشبكة العنكبوتية عموما تندد بالقناة, وتطالب بحذفها من جهاز الاستقبال وتطالب بوقف عرض المسلسل. وظهر كذلك تصويت بلغ فيه عدد المصوتين برغبتهم في منع المسلسل مايزيد على المليون شخص لرؤيتهم ان في تمثيل الصحابة رضوان الله عليهم اساءة بالغة لهم.

وهنا في هذه التدوينة سأتكلم عن رأيي الشخصي في الموضوع, ولن اتحدث من وجهة نظر دينية لانها أُشبعت طرحاً, وهي مسألة خلافية اجازها بعض العلماء, وحرمها آخرون.

الاسباب التي دفعت بعض الناس للمطالبة بمنع عرض المسلسل اختلفت, ولكن الرأي الذي كان يحمل جانب مقنعاً بالنسبة لي هو الرأي القائل: بأن المتابع ستلتصق ملامح الممثل في ذهنه ويستدعي صورته كلما مر اسم الصحابي عليه , وهذه حقيقة , فشخصيا دائما مااتذكر جمال سليمان عندما يمرعلي اسم عبدالرحمن الداخل, بحكم انه مثل شخصيته في مسلسل صقر قريش, او مثلا نور الشريف وشخصية هارون الرشيد, لكن لم يحدث ابدا ان تأثرت صورة هارون الرشيد في عقلي بدور نور الشريف في مسلسل عائلة الحج متولي مثلاً! فأظن ان هناك خطا فاصلا بين صورة الممثل وارتباطها بصورة الصحابي, وبين اخلاق الصحابي واخلاق الممثل وادوار الممثل القادمة. ولذا أيضا انا لا أعتقد ان سوء اخلاق الممثل او فسوقه على الصعيد الشخصي سيشوه صورة الصحابي, وهو السبب المرادف الذي يذكره الرافضون, ان هذا الممثل او ذاك فاسق لا يصح ان يمثل دور صحابيّ جليل.

العذر الاخر المنتشر , مسألة غيرة عمر على زوجته رضي الله عنهما , وشخصيا لا اجد هذا العذر منطقيا ابدا , فمن ستمثل ليست زوجته بل انسانة اخرى تقوم بدورها, فما علاقة غيرته على زوجته بأن انسانة اخرى تجسد حياتها ومواقفها؟! واذا كان الامر فيه غيرة, فقصص زوجات الصحابة وبناتهم اولى بالمنع, بما ان خيال القارئ يرسم له اي مشهد يقرأه …

واخيرا أرى اننا في حاجة لمثل هذه الاعمال لتيسر وصول الصورة الحقيقية عن حقبة الصحابة لأذهان الناس جميعهم: مثقفيهم وعوامهم وامييهم, فإذا اردنا ان نكون واقعيين, في عالمنا العربي كم نسبة من سيشاهد العمل الدرامي إلى نسبة من سيقرأ كتاباً في سيرة الفاروق رضي الله عنه؟ من المؤكد ان الكفة تميل كثيرا لصالح العمل الدرامي, والشريحة التي ستطلع على المحتوى اكبر بكثير من تلك التي ستقرأ كتاباً عن نفس المحتوى, خصوصا مااذا كان النص للعمل الدرامي مدققا من قبل لجنة شرعية , تضمن ان الاحداث هي من اصح ماورد عن الفاروق وغيره من الصحابة.

واذا مانظرنا إلى الفترة التاريخية التي تمر بها الامة الآن نرى أن لهذه الدراما عموما, ولقصة الفاروق رضي الله عنه تحديدا أهمية كبيرة, فمن جهة نحن نجد الهجمة الإعلامية الإيرانية على بعض رموز الصحابة وعلى رأسهم الشيخين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما, ولذا ذكر احد المغردين الأحواز في تغريدة له, عن حماسة شعب الأحواز الكبيرة للمسلسل بسبب رغبتهم في معرفة الصورة الحقيقية للفاروق رضي الله عنه, والتي يتم تشويهها في إيران دائما. ومن الناحية الأخرى فالشعوب العربية في زمن الربيع العربي ثارت لتنشد الحرية والعدالة, ولا اظن ان هناك افضل من عمر بن الخطاب رضي الله عنه ليعطي مثالا واضحاً من تراثنا الإسلامي عن الحاكم العادل, والشورى الحقيقية, والحكم الراشد.

بدعة المناظرة

ما كنا نشاهده على شاشات السي ان ان والفوكس نيوز من مناظرات بين مرشحي الاحزاب الامريكية ومرشحي الرئاسة لم يعد قصرا على أمريكا, فمصر البارحة الحادي عشر من مايو لعام 2012 ابتدعت بدعة سياسية حسنة في طريق الديموقراطية العربية الوليدة, فشهدنا معها اول مناظرة رئاسية في تاريخ الوطن العربي,

كانت المناظرة بين د.عبد المنعم أبو الفتوح , عضو مجلس شورى الاخوان السابق, وعمرو موسى وزير خارجية مصر سابقا في النظام الساقط و أمين عام الجامعة العربية السابق, وبعيدا عن مقتي لكل السياسيين في فترة الخذلان العربي من حكام متواطئين , و وزراء للخارجية , وامناء لجامعة الدول العربية , وبعيدا ايضا عن امنياتي للدكتور ابو الفتوح بالفوز بمقعد الرئاسة الساخن, وبعيدا عن موقف الامين العربي من العدوان على غزة, وبعيدا ايضا عن ادخال ابو الفتوح للمساعدات لغزة في نفس الحرب, سأحاول ان اتحدث هنا بحياد.

المناظرة من ارقى فنون المناقشات التي تحدث بين المتنافسين على منصب ما, وهي ثقافة منتشرة في الغرب, ولها جمهور واسع, فأذكر مثلا ان السيدة ماري, مدرستي عندما كنت في جامعة لي هاي في امريكا, كانت تخبرنا بان جميع افراد عائلتها يتابعون مناظرات الحزب الجمهوري بشغف – بالرغم من تفضيلهم للحزب الديموقراطي-, والمناظرة ثقافة تعلم في مدارسهم, وهي موهبة يحاول اكتشافها في الاطفال, ودائما ماتشكل فرق تشارك في مسابقات بين المدارس المختلفة, والجامعات ايضا تفعل نفس الامر, وعادة ماتقيم الجامعات العريقة مناظرات تستضيف فيها مفكرين ومثقفين يطرح كل فريق منهم وجهة نظره حول موضوعات ساخنة , ليترك القرار للجمهور الذي يصوت مسبقا حول ارائه , ثم يصوت بعد انتهاء المناظرة , فيكون الفائز هو من استطاع ان يغير وجهة نظر النسبة الاكبر , وفي غالب الامر تكون الكفة الرابحة لمن ظفر بأكبر عدد من النسبة المحايدة او التي لم تقرر بعد, ولعل من ابرز الافلام الجميلة التي تبرز هذا الجانب في تاريخ امريكا the Great Debaters من بطولة دينزل واشنطون, والجميل دائما في المناظرات انها تضع اطرافها على المحك, وتساعد المتابع والمهتم على تبين نقاط الضعف ونقاط القوة بسهولة اكبر نسبيا من الحوارات الرتيبة التي اعتدنا عليها, وهي من الوسائل المهمة والمساعدة على توجيه الناخب المحايد او المحتار لطرف من الاطراف والذي ذكرت للتو انه عادة يعتبر المادة الخام التي يحاول كل مناظر الظفر بها.

وفي مناظرة البارحة , قدم كل مرشح منهما وجهات نظره حول موضوعات عدة آملا ان يكسب اصوات ابناء مصر, اخفق في الكثير عمرو موسى المثقل بتاريخه السياسي وعمله مع النظام البائد, ونجح في اجابات كثيرة د.ابو الفتوح المعارض المعذب على يد النظام, انفعال عمرو موسى كان طاغيا و واضحا , وهدوء ابو الفتوح ضبط اجاباته , ومن ربح البارحة هو شعب مصر, ومن خلفه الشعوب العربية , وكما قال المخضرم يسري فودة: الشعب المصري هو السيد, وهو الذي يختار !

* أنا الشعب أنا الشعب , لا أعرف المستحيلَ

لا تبكِ يا سوريّا ولا تعلني الحدادَ

استيقظت اليوم , وشاهدت قناة العربية فور استيقاظي لاجد خبر عاجل :

مقتل 153 سوريا اليوم على يد قوات الامن السوري.

في مشهد امسى روتينياً , يشاهده الواحد منا , لينطق بكلمات تعبر عن اساه – ان فعل – ثم يحول القناة ليتابع اي امر اخر كأن الأمر لا يعنيه, كأن من يقتلون ليسوا بشراً  يستحقون التعاطف الانساني على اقل تقدير , فكيف بهم وهم مسلمون موحدون , وعربٌ ابناء عمٍ لنا؟

هل سنريح ضميرنا بأن نتجاهل مايحدث؟ بأن ندعي ان الأمر لا يعنينا؟ وان فعلنا وتناسينا , فهل سينسى الله عز وجل؟ ألن يسألنا الله عنهم؟
بالله ماذا سنقول لربنا يوم القيامة حين يسألنا رزقتكم الاموال والامن, وحين استنصركم اخوانكم خذلتموه؟
بالله ماذا سنقول لربنا عندما يقول لنا ألم يقل لكم نبيكم الذي لا ينطق عن الهوى: “المسلم أخو المسلم لا يخونه ولا يكذبه ولا يخذله – لا يترك نصرته – ” * ؟

ألا نخشى من نبوءة محمد بن عبدالله – عليه الصلاة والسلام – عندما قال : ” وما من امريء خذل مسلما في موطن ينتهك فيه حرمته إلا خذله الله في موطن يحب فيه نصرته ” ** ؟
الا نخشى ان يخذلنا الله في موقف نحن احوج مانكون فيه إلى نصرته بجريرة خذلاننا لاخواننا في سوريا؟

بكل برود نشاهد أهلنا في سوريا يقتلون , وتنتهك اعراضهم , ونحن مازلنا ننتظر الناتو وأمريكا واوروبا , وكلهم ايديهم ملطخة بدماء اخواننا في العراق وافغانستان وفلسطين وشتى بقاع العالم, فهل ننتظر من قاتلنا نصرة وحمية؟ ولكن لا عجب فنحن كما أخبر رسول الله عليه الصلاة والسلام , غثاءٌ كغثاء السيل , ولمن استعصى عليه يوماً فهم معنى حديثه صلوات ربي وسلامه عليه فلينظر حالنا اليوم من سوريا , وحالنا في مواقف عدة مرت بها بلاد المسلمين , وليصلي على هذه الامة صلاة المودع إلى ان يبعثها الله من جديد.

ياهلنا في سوريا , قلتموها , ” يالله مإلنا غيرك ياالله ” , هو من سينصركم على بشار وأعوانه , ولو بعد حين.
فهو من قال : ( وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ )

أحاكمٌ لدولةٍ..

مَنْ يطلقُ النَّارَ على الشَّعبِ الذي يحكمهُ

أمْ أنَّهُ قرصانْ ؟

لا تبكِ يا سوريّةْ

لا تعلني الحدادَ

فوقَ جسدِ الضحيَّة

لا تلثمي الجرحَ

و لا تنتزعي الشّظيّةْ

القطرةُ الأولى مِنَ الدَّمِ الذي نزفتهِ

ستحسمُ القضيّةْ

– أحمد مطر

*(أخرجه الترمذي وقال حديث حسن ونحوه عند مسلم )

**(أخرجه المنذري وحسنه وكذا ابن حجر رحمهما الله تعالى )

* كُتب على عجل

بأي ذنبٍ قُطفت ؟!

جدة , تلك المدينة الازلية على ضفاف البحر الاحمر ,

العروس التي يتقاتل من اجلها الفرسان , يكسب ودها مرة سيل جارف , ويعانقها في اخرى حريق هائل !
سيل قدم مايزيد على المئة من القربان ليحظى بها !
وحريق التهم معلمتين , وسكن في ذاكرة ثمان مئة طفلة , كـ مهر لـ عروسه جدة !

من المسؤول؟ , اهم الاسئلة الغائبة في وطني , وان حضر السؤال غابت الاجابة !
كوارث تحدث ! ولا نجد إلا التصاريح واللجان , ولا نتائج , ولا متهمين !
ارواح تزهق ! ولا يتحرك ساكن في وطني ,

صارحني ياوطني , هل نهمك؟ هل تشعر بقيمتنا كـ بشر؟!
هل تتألم من اجلنا؟ ام تضحك لعذاباتنا؟
هل سمعت بـ ريم النهاري؟ هيَ ابنتك , ضحت بروحها لتنقذ غيرها من بناتك !
هل سمعت بـ فرمان؟ لا ليس ابنك, هو باكستاني ! لكنه باع حياته في سبيل انقاذ غيره !
هل تسمعنا ياوطن؟

تساقطت الازهار من النوافذ ! لا لم يأتِ الخريف , بل زارهم الحريق !
تساقطت الازهار من النوافذ ! لا لتستقبل زيارة المسؤول الميمونة ! بل لتقول له: ” بأي ذنب قُطفت؟ ” !
تساقطت الازهار من النوافذ ! علك تصحو من سباتك ياوطن !

مدارس مستأجرة , في القرن الواحد والعشرين !
يستحيل ان تبقى تلك العمائر والشقق مدارسا دون سبب ! من المستفيد؟ ضميرٌ مستتر !
غابت انظمة الحماية , واقفلت مخارج الطوارئ , لا لاهمال يذكر , بل لان قيمة الانسان لا تهم !

ياوطني, حاسب المسؤول, والمستفيد !
ياوطني, احمِ ابنائك منهم !
ياوطني, تذكرنا, نحن هنا !

حُسام , 11/20/2011