بدعة المناظرة

ما كنا نشاهده على شاشات السي ان ان والفوكس نيوز من مناظرات بين مرشحي الاحزاب الامريكية ومرشحي الرئاسة لم يعد قصرا على أمريكا, فمصر البارحة الحادي عشر من مايو لعام 2012 ابتدعت بدعة سياسية حسنة في طريق الديموقراطية العربية الوليدة, فشهدنا معها اول مناظرة رئاسية في تاريخ الوطن العربي,

كانت المناظرة بين د.عبد المنعم أبو الفتوح , عضو مجلس شورى الاخوان السابق, وعمرو موسى وزير خارجية مصر سابقا في النظام الساقط و أمين عام الجامعة العربية السابق, وبعيدا عن مقتي لكل السياسيين في فترة الخذلان العربي من حكام متواطئين , و وزراء للخارجية , وامناء لجامعة الدول العربية , وبعيدا ايضا عن امنياتي للدكتور ابو الفتوح بالفوز بمقعد الرئاسة الساخن, وبعيدا عن موقف الامين العربي من العدوان على غزة, وبعيدا ايضا عن ادخال ابو الفتوح للمساعدات لغزة في نفس الحرب, سأحاول ان اتحدث هنا بحياد.

المناظرة من ارقى فنون المناقشات التي تحدث بين المتنافسين على منصب ما, وهي ثقافة منتشرة في الغرب, ولها جمهور واسع, فأذكر مثلا ان السيدة ماري, مدرستي عندما كنت في جامعة لي هاي في امريكا, كانت تخبرنا بان جميع افراد عائلتها يتابعون مناظرات الحزب الجمهوري بشغف – بالرغم من تفضيلهم للحزب الديموقراطي-, والمناظرة ثقافة تعلم في مدارسهم, وهي موهبة يحاول اكتشافها في الاطفال, ودائما ماتشكل فرق تشارك في مسابقات بين المدارس المختلفة, والجامعات ايضا تفعل نفس الامر, وعادة ماتقيم الجامعات العريقة مناظرات تستضيف فيها مفكرين ومثقفين يطرح كل فريق منهم وجهة نظره حول موضوعات ساخنة , ليترك القرار للجمهور الذي يصوت مسبقا حول ارائه , ثم يصوت بعد انتهاء المناظرة , فيكون الفائز هو من استطاع ان يغير وجهة نظر النسبة الاكبر , وفي غالب الامر تكون الكفة الرابحة لمن ظفر بأكبر عدد من النسبة المحايدة او التي لم تقرر بعد, ولعل من ابرز الافلام الجميلة التي تبرز هذا الجانب في تاريخ امريكا the Great Debaters من بطولة دينزل واشنطون, والجميل دائما في المناظرات انها تضع اطرافها على المحك, وتساعد المتابع والمهتم على تبين نقاط الضعف ونقاط القوة بسهولة اكبر نسبيا من الحوارات الرتيبة التي اعتدنا عليها, وهي من الوسائل المهمة والمساعدة على توجيه الناخب المحايد او المحتار لطرف من الاطراف والذي ذكرت للتو انه عادة يعتبر المادة الخام التي يحاول كل مناظر الظفر بها.

وفي مناظرة البارحة , قدم كل مرشح منهما وجهات نظره حول موضوعات عدة آملا ان يكسب اصوات ابناء مصر, اخفق في الكثير عمرو موسى المثقل بتاريخه السياسي وعمله مع النظام البائد, ونجح في اجابات كثيرة د.ابو الفتوح المعارض المعذب على يد النظام, انفعال عمرو موسى كان طاغيا و واضحا , وهدوء ابو الفتوح ضبط اجاباته , ومن ربح البارحة هو شعب مصر, ومن خلفه الشعوب العربية , وكما قال المخضرم يسري فودة: الشعب المصري هو السيد, وهو الذي يختار !

* أنا الشعب أنا الشعب , لا أعرف المستحيلَ

أضف تعليق