مسلسل عمر بن الخطاب – مجرد رأي

دار في الفترة الأخيرة لغط كبير حول المسلسل الدرامي الذي تنوي قناة ام بي سي عرضه في شهر رمضان المبارك عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وارضاه, وانتشرت عدة حملات في تويتر خصوصا وباقي مواقع الشبكة العنكبوتية عموما تندد بالقناة, وتطالب بحذفها من جهاز الاستقبال وتطالب بوقف عرض المسلسل. وظهر كذلك تصويت بلغ فيه عدد المصوتين برغبتهم في منع المسلسل مايزيد على المليون شخص لرؤيتهم ان في تمثيل الصحابة رضوان الله عليهم اساءة بالغة لهم.

وهنا في هذه التدوينة سأتكلم عن رأيي الشخصي في الموضوع, ولن اتحدث من وجهة نظر دينية لانها أُشبعت طرحاً, وهي مسألة خلافية اجازها بعض العلماء, وحرمها آخرون.

الاسباب التي دفعت بعض الناس للمطالبة بمنع عرض المسلسل اختلفت, ولكن الرأي الذي كان يحمل جانب مقنعاً بالنسبة لي هو الرأي القائل: بأن المتابع ستلتصق ملامح الممثل في ذهنه ويستدعي صورته كلما مر اسم الصحابي عليه , وهذه حقيقة , فشخصيا دائما مااتذكر جمال سليمان عندما يمرعلي اسم عبدالرحمن الداخل, بحكم انه مثل شخصيته في مسلسل صقر قريش, او مثلا نور الشريف وشخصية هارون الرشيد, لكن لم يحدث ابدا ان تأثرت صورة هارون الرشيد في عقلي بدور نور الشريف في مسلسل عائلة الحج متولي مثلاً! فأظن ان هناك خطا فاصلا بين صورة الممثل وارتباطها بصورة الصحابي, وبين اخلاق الصحابي واخلاق الممثل وادوار الممثل القادمة. ولذا أيضا انا لا أعتقد ان سوء اخلاق الممثل او فسوقه على الصعيد الشخصي سيشوه صورة الصحابي, وهو السبب المرادف الذي يذكره الرافضون, ان هذا الممثل او ذاك فاسق لا يصح ان يمثل دور صحابيّ جليل.

العذر الاخر المنتشر , مسألة غيرة عمر على زوجته رضي الله عنهما , وشخصيا لا اجد هذا العذر منطقيا ابدا , فمن ستمثل ليست زوجته بل انسانة اخرى تقوم بدورها, فما علاقة غيرته على زوجته بأن انسانة اخرى تجسد حياتها ومواقفها؟! واذا كان الامر فيه غيرة, فقصص زوجات الصحابة وبناتهم اولى بالمنع, بما ان خيال القارئ يرسم له اي مشهد يقرأه …

واخيرا أرى اننا في حاجة لمثل هذه الاعمال لتيسر وصول الصورة الحقيقية عن حقبة الصحابة لأذهان الناس جميعهم: مثقفيهم وعوامهم وامييهم, فإذا اردنا ان نكون واقعيين, في عالمنا العربي كم نسبة من سيشاهد العمل الدرامي إلى نسبة من سيقرأ كتاباً في سيرة الفاروق رضي الله عنه؟ من المؤكد ان الكفة تميل كثيرا لصالح العمل الدرامي, والشريحة التي ستطلع على المحتوى اكبر بكثير من تلك التي ستقرأ كتاباً عن نفس المحتوى, خصوصا مااذا كان النص للعمل الدرامي مدققا من قبل لجنة شرعية , تضمن ان الاحداث هي من اصح ماورد عن الفاروق وغيره من الصحابة.

واذا مانظرنا إلى الفترة التاريخية التي تمر بها الامة الآن نرى أن لهذه الدراما عموما, ولقصة الفاروق رضي الله عنه تحديدا أهمية كبيرة, فمن جهة نحن نجد الهجمة الإعلامية الإيرانية على بعض رموز الصحابة وعلى رأسهم الشيخين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما, ولذا ذكر احد المغردين الأحواز في تغريدة له, عن حماسة شعب الأحواز الكبيرة للمسلسل بسبب رغبتهم في معرفة الصورة الحقيقية للفاروق رضي الله عنه, والتي يتم تشويهها في إيران دائما. ومن الناحية الأخرى فالشعوب العربية في زمن الربيع العربي ثارت لتنشد الحرية والعدالة, ولا اظن ان هناك افضل من عمر بن الخطاب رضي الله عنه ليعطي مثالا واضحاً من تراثنا الإسلامي عن الحاكم العادل, والشورى الحقيقية, والحكم الراشد.